سويسرا تضبط ساعتها على مواقيت رمضان
سويسرا تغري السائح العربي في شهر الصيام. رمضان في فنادق بلاد الألب... صعب!
أن تزور سويسرا وتحمل أفكارك المسبقة عن هذا البلد المحايد الذي يمكنك التعايش فيه مع مختلف الأجناس، لن يثنيك كمسلم عن طرح تساؤلات قبل أن تطأ قدمك أي شبر من أرض باد الألب الباردة بطبيعتها والدافئة بتفتح اهلها.ولعل السؤال الذي حملناه وأثقلنا، هو هل يمكنني صوم رمضان كسائح في فنادق سويسرا؟ دخلنا سويسرا، ونحن نحمل في أذهاننا صورا لقضية حظر المآذن قبل سنتين. كما ألقت إشكالية البرقع والحجاب التي أثارتها فرنسا منذ مدة وتثيرها في كل مرة بظالها على تفكيرنا وشوشت نظرتنا. هل سيستقبلنا هذا البلد الذي يضم مختلف الجنسيات والأديان بذراع مفتوحة أم سيدير ظهره لنا خاصة وأن موسم السياحة في ذروته هذا العام يصادف شهر رمضان الفضيل؟ وهل يمكن لكل الإشكالات التي وقعت منذ فترة بشأن الإسام والمسلمين أن تطفو على السطح مجددا بالمناسبة؟ تساؤلاتنا هذه، بدأت تجد بعض الإجابات عنها إنطاقا من المطار. إستقبال حسن ومرونة في التعامل. الأمر أراحنا كثيرا، فنحن في باد الألب التي تحتضن كل الضيوف. الخروج من المطار وولوج المدينة أراحنا اكثر، فالكل يوزع ابتسامته بسخاء وتشعر أنه مرحب بك ولا أثر لما قيل على أن عراقيل سويسرا في وجه المسلمين التي أثيرت بعد حظر المآذن. وحتى قضية البرقع والحجاب التي احتلت عناوين الصحف والمجات الفرنسية منذ مدة لم يكن لها أي أثر في الشارع السويسري.
إنشغلت بالأمر حقيقة فما وقفت عليه لم يرح فكري كما إعتقدت. مرافقي علي وعمر وجهاني إلى المؤسسة التي يمكن ان تشبع فضولي «جنيف سياحة». الأمر كان مدهشا بالنسبة لي في البداية، لانني لم أكن أتصور أن تفكر مؤسسة في مثل هذا الحجم في أدق التفاصيل التي يحبذها المسلم في شهر رمضان. علي قال بأن أصدقاءه من الإمارات وقطر قرروا قضاء رمضان بسويسرا وحجزوا فندقا لإقامتهم وحتى بعض معارفه من السعودية والكويت سيكونون حاضرين. لكن هل سيجدون ما ينتظرونه؟
مأكولات مائمة لافطار والسحور
أمر صعب في الواقع. رغم أن البرنامج الذي أعدته المؤسسة ثري جدا وسيجد فيه كل من فضل سويسرا وجهة له في رمضان جوا حميميا حتى وإن كان سيقيم في الفندق طبعا هذا ما ترغب المؤسسة في الوصول اليه وقد يكون اغراءا فقط. لقد أعدت المؤسسة قائمة بأسماء وعناوين الفنادق التي ضبطت عقارب ساعتها على مواقيت الشهر الفضيل وحتى البرنامج العام أعد وفق ذلك.بداية من مأكولات مائمة لافطار والسحور، أماكن للصاة سواء في غرف الفندق أو القاعات المخصصة لذلك بالمؤسسات الفندقية الفاخرة. وحتى السهرات وليالي السمر مضمونة في أجواء دافئة مليئة بالمرح.
«فنادق صديقة لرمضان»
ودليلكم في كل هذا موظفون يتقنون اللغة العربية سيكونون في خدمتكم طيلة الثاثين يوما التي يدومها رمضان شهر التسامح. لكن للأسف ليس في كل الفنادق. فالبرنامج على ما يبدو أعد لاستقطاب فقط. رمضان كريم… كل سنة وأنتم طيبين. سترافقكم هذه العبارة خال شهر رمضان من الإفطار إلى السحور. وكأني بموظفي بعض الفنادق السويسرية يرفعون التحدي ليكونوا عند حسن الظن. فالدقة ليست ميزة صناعات الساعات فقط وإنما في التعامل والخدمة أيضا. لأن سويسرا تريد أن تبقى وجهة العرب حتى في شهر رمضان وطبعا السياح يبقوا يفضلونها بالنظر لما تقترحه عليهم من خدمات يفرضها الشهر الكريم. لكن هل بإمكانها رفع التحدي؟ إطالة بسيطة على قائمة الفنادق تؤكد ما نقول خاصة بزيوريخ. لقد تم إحصاء ثاثون فندقا يوفر كل ما يحتاجه الصائم سواء اثناء تادية فريضة الصاة أو من الإفطار و إلى غاية السحور. طبعا هذا ما يوجد في القائمة. لكن الواقع شيئا اخر. للأسف ثاثة فنادق فقط ستكون مرافقة فعا للصائم. كل شيئ بثمن، والشعار الذي اختارته المؤسسة السياحية بجنيف هو «فنادق صديقة لرمضان» يعني أنك لن تتوه في هذا الشهر، إذ هناك من يفكر مكانك ويحضر لك السفرة الرمضانية الغنية بأنواع المأكولات وأشهى الحلويات.
مكان القبلة
وحتى أماكن العبادة مجهزة سواء في الغرف بتحديد مكان القبلة وتوفير الكتب الدينية والسجاد أو في قاعات لأداء صاة الجماعة. لكن عليك أن تدفع المقابل طبعا. في البرنامج الذي يقدم لك كدليل إن صح التعبير، ستجد بعد يوم من الصيام، تمرا ولبنا مهيأين عند أذان الإفطار تتناولهما بالصحة والراحة ثم تتوجه نحو سفرة غنية بكل ما تشتهيه من وجبات حال. وبعدها أنت وما تختاره سهرة رمضانية بالنارجيلة والغليون وشاي محضر لك خصيصا بحلويات متنوعة أو الذهاب إلى قاعة الصاة أو الصاة في الغرفة. ولراحتك الشخصية، لم تنس الفنادق أن تبرمج لك حصصا للإسترخاء والتجميل والتدليك وكل هذا لأجل راحتك وفقط. إلا أن مع كل عوامل الجذب هذه يبقى الأمر مقتصرا على قلة قليلة من الفنادق التي اجتهدت لتكون مرافقة فعا للصائم. بعد كل هذه الجولة، إنطباع واحد خرجنا به وهو أن سويسرا المكان الذي يريح الزائر والسائح لم تبذل أغلب مؤسساتها الفندقية جهدا لتلبية متطلبات السائح العربي المسلم الذي يحبذ أن يجد كل الظروف مهيأة لاستقباله وعبارة مرحبا ترافقه، و كل سنة وانت طيب تازمه لأن الواقع لن يكون كما يشتهيه إلا في بعض الفنادق استثناءا. وكان لتعليق عمر وعلي وقع في النفوس حيث اعتبرا أنه رغم أن عاصمة الألب تدرك تماما كثافة الإقبال للعرب المسلمين الذين ينفقون بسخاء إلا أنها لم تجتهد كما يجب لتوفر لهم متطلباته في الشهر الفضيل أينما حلوا. نحن نقول مثلما ودعنا عليه علي وعمر «رمضان كريم في باد الألب».